من البديهيات المسلم بها أن قدرة أى أمة أودولة على تحقيق نهضة شاملة تمنحها القوة فى الساحة العالمية ، حلم مرهون بتحقيق نهضة علمية ترتكزفي الأساس على تطويرمنظوماتها التعليمية ، وأمام الأوضاع المتردية في عالمنا العربي فإن الأسئلة تتباخروتتلاحق .. أما آن الأوان لتغييرالمناهج بما يتناسب مع الطفل المعاصر؟! هل المناهج الموجودة حالياً بمعظم البلدان العربية ترضي طموحاتنا نحومستقبل أفضل ، وهي وضعت من مائة عام تقريباً ؟
أعتقد أنه يجب إعادة النظرفى المناهج المفروضة على الطالب ، وأنا لاأعني تقديم التنازلات وبأن نجعل مناهجنا تلحق بثورة التردي العام الذى نراه فى كل شيء ابتداء من الشعروالأدب والفن والذوق العام وأخلاقيات وسلوك الناس . ولكني أطلب تغييرالأسلوب بطرح الأفكار، بأسلوب يستطيع التأثيرفي الطالب وجذبه ولفت إنتباهه وإقناعه ، فلم يعد طفل اليوم كطفل الأمس يتلقى ويسمع ويقول سمعا وطاعة بل طفل اليوم متمرد عنيد يستهويه الخروج عن القواعد المألوفة ، والتعارف عليها ليثيرالإنتباه وليجد مكانا بين الناس معتقداً أنه وإن لم يستطع أن يتميزبشيء إيجابي فإنه قد يتميزبشيء سلبي ويكون معروفاً أحسن من أن يكون شخصاً عادياً : «خالف تعرف» .
طفل اليوم أصعب من طفل الأمس فأصبح الطفل لايحترم أهله ولامدرسيه ، ويشعربأنه ند لهم جميعاً وذلك بسبب إنفتاح عقله مبكرا على معارف وخبرات إنسانية جديدة فى عالمنا المعاصر، وهو إنفتاح وفرته تكنولوجيا الإتصالات والمعلومات ، وثقافة العولمة التى لاتعرف سقفا أو حدودا . والشعور الذى يتملك طفل اليوم يجعله يفكرفي أن يبحث ويكتشف ليصل للحقيقة بنفسه ، لذلك فإن المناهج وطرق التدريس يجب أن تبدأ بتعليم الأخلاق «الأدب فضلوه على العلم» ووزارة التربية والتعليم قدمت كلمة التربية على التعليم لأن الطفل إذا كان عنده أخلاق وتربية فسوف يبحث عن العلم والثقافة ولن يترك نفسه تتقاذفه الرياح ، أما المتعلم بلاخلق فلن يفيد نفسه ولاوطنه ، وسيستخدم العلم للضرر أو ربما لايستخدمه من أصله .
المغزى فى هذا الموضوع أنه يجب أن نعززالثقة بالنفس لدى الطفل ، وأن نمسك بالعصا من المنتصف ، ونحقق المعادلة الصعبة : كيف يكون الطفل واثقا من نفسه ، عنده كرامة وشموخ ، ولكنه يحترم الآخرين ويقدرهم : «كاد المعلم أن يكون رسولا » . فنحن لانريد أولادا متكبرين لايحسنون تقديرأحد ، وبالمقابل لانريد أطفالاً تمشى كالأغنام لاتعرف إلى أين ذاهبة ولاتفقه تكوين مصيرها بنفسها وإستخدام عقلها . فمبدأ الحفظ والتسميع الصم مرفوض .
يجب أن يأتوا بخبراء ليس فقط بالعلم والثقافة بل بعلم النفس وعلم التأثيروكيفية السيطرة على سلوك الطفل لمصلحته ، حتى يساعدوا فى وضع المناهج ، ولوكان الموضوع فقط رص معلومات فهي موجودة بالكتب أصلاً ولاداعى للذهاب للمدرسة لتلقيها بأسلوب أبسط وأجمل ، وبطريقة تصيب الطالب بالملل . ولكن يذهب الطفل للمدرسة للشرح والتبسيط وليتعلم كيف تكون له شخصية مستقلة ، ويتغذى بالمعلومات التى بالكتب ، وسيجد شخصاً طيباً فى نفسه يرشده وينورطريقه .
أما المناهج فى اللغة الإنجليزية ، والكمبيوتر ، واللغة العربية ، والعلوم ، فإنها تحتاج دائمًا إلى التحديث والتطوير، كى لايعيش طفلنا العربى اليوم فى الزمن الماضي ، ويتخبط فى التعامل مع مفردات العصرالحديث بكل تجلياته العلمية وتحدياته المستقبلية .
الطفل العربي ومتطلبات تطوير التعليم
للكاتبة العراقية سارة السهيل